1454822_474015262716482_541088849_n

لأول مرة أُصرح أنني يوم فكرت في أن أُباشر في كتابة أغنية باللغة العربية على طريقة موسيقى الراب , كنت معتقدا أنني آت بالجديد , و أنني سأكون أول مغني لموسيقى الراب باللغة العربية , يا للعجب !! , ليس هذا فقط , بل و كان كل توجهي نحو الكتابة هو كيف يمكنني أن أكتب أغنية تدعو للرقص و الاحتفال , و نحن لا نعرف عن الرقص شيئا حتى يتم دعوتنا لحفل زواج أحدهم , و باشرت فكتبت أولى كلماتي ذاكرا قصة تتحدث حول جلسة في مقهى ممل تنقلب إلى حفلة عندما رمى أحدهم بال(مايك) و سقط في يدي , و طلب مني أن ألطف أجواء المقهى الكئيب , و هنا أباشر بالغناء طالبا الجميع بالوقوف و الاهتزاز و الرقص و الاحتفال , و لأن لغتني الانجليزية لم تكن جيدة فكنت أعتقد أن جميع المغنيين يغنون في صلب هذا الموضوع , طبعا سمع الأغنية بعض الأصدقاء و فرحو كثيرا لهذا العبث , و رقصو معي على ألحان الراب , و كنت سعيدا بهذا الانجاز , و بدأت أغني الأغنية لصديق و آخر و آخر حتى أخبرني أحدهم أن هناك من يغنون باللغة العربية نفس النوع من الموسيقى , بصراحة قلت له أنني أعلم و لكن أخبرني من هم , و شعرت بالحرج  من أن أقول له لا أعلم , فأنا زميل في هذا المجال الآن !, فأخبرني ببعض الفرق التي سبقتني في داخل فلسطين المحتلة , و هنا بدأت الموسيقى تأخذ حيزا من الجدية بالفعل .

حسنا , أول ما اكتشفت بعد ذلك انه لا يجوز أن أتكلم عن الرقص و الاحتفال فنحن نعيش في بلد محتل! , و هذا هو السبب الرئيسي لاستعمالنا لهذه الموسيقى, وأخبروني أيضا أنها موسيقى للاحتجاج و الاعتراض , و أن تاريخها يتعلق بزمن العنصرية و مقاومة التفرقة و ما إلى ذلك , و أن من في التلفاز جميعهم لا يليقون بنا و لا بثقافتنا و لا عاداتنا ولا تقاليدنا , وأن القائمون الحقيقيون على هذه الموسيقى لا يتطرق التلفزيون لعرضهم و يسمونهم ب(تحت الأرض) ,  و عقلي الصندوقي كان أجبن من أن يقول لم لا !, و بنفس الوقت وجدت أنه من الذكاء أن نسلك هذا المسلك , رغم أنني كنت أريد أن أصبح مغنيا يدعو للرقص و الاحتفال طوال الوقت !.

هذه الموسيقى بصراحة هي السبب الأكبر لبداية اهتمامي بثلاث مجالات هم ركيزة اهتمامي حتى اليوم , حقوق الانسان , السياسة , الثقافة , بدأت أنخرط أكثر و أكثر في أن أعرف أكثر و أكثر عن وطني , الحق المسلوب و الانسان المهجر و الألم طويل الأجل , من هم هؤلاء القتلة و من نحن هؤلاء المقتولون ! , و بدأت أقاتل بشارسة في غرفتي على الورقة والقلم , و بصوتي , فلسطين عربية , سوف نحرر فلسطين , سنقوم برميكم في البحر! , سنقاتل , حرروا أسرانا , المجد و الخلود لشهداءنا و و و و إلخ إلخ إلخ .

استمرت الموسيقى على هذا الحال , و مع زيادة الوعي , بدأت أعلم أننا لسنا فلسطينيون جملة واحدة , بل نحن فلسطينين ننتمي للفكر اليساري او العلماني , او فلسطينين ننتمي للفكر اليميني , بعضنا متطرف و بعضنا خائن , بعضنا مناضل واع و بعضنا مناضل عبيط و بعضنا لا يعرف من هو ! وماذا يفعل , و كثيرون منا يحبون السلطة و المناصب , و كثيرون آخرون يحبون السلاح حبا جما , و يحبونهم من يحبون السلطة و المناصب , و آخرون غير محسوبون و لكنهم فلسطينيون أيضا يعيشون و يعتاشون و يتعايشون ثم يموتون !, أو يقتلون , ويحتسبهم الرئيس شهداء , أو لا يتم احتسابهم فهذا في يد من في يدهم المناصب ! .

بكل الأحول وجدت أني أعمل في سلك غير دوبلوماسي شائك , و أنني صاحب مسؤولية ضخمة للتوعية و النضال الفكري , و بزيادة جمهوري تزداد مسؤوليتي و يوما بعد يوم أصبحت أشعر أنني منبر من لا منبر له , و بدأت أطرش الكلام على الآذان , و أرسل الحرب لهؤلاء و لهؤلاء السلام , و أُطيِّرُ الحمام , و أقول ما أقول , واعلق على كل واردة و شاردة , ألصق خواطري , خاطرة آتية , خاطرة ذاهبة , خاطرة عائدة أو تائهة , و كل ما يخطر في بالي , أنا المحق في كل ما أقول , أنا الحق بعينه , أنا الثورة , أنا الشعب المغلوب , أنا الفصيح الوقح , أنا رضيع الظلم , أرسل تحياتي للمظلومين مثلي عليهم السلام .

ثم ماذا! , حققت الرقم واحد و فريقي في المسابقة الوطنية الأولى , حصلت على فرصة التنقل و السفر , ثم ماذا! , أشعلت الثورة في عقول الجيل الشاب و ألهمت الكثيرين لنفس الخطى , ثم ماذا! ..

تم اعتقالي مرات عدة , و عدة مرات تم اعتقالي , كنت متوهما بأنني لست وحيدا و لكني كنت آنذا في مهب الريح وحدي , ريح تحمل رذاذ و غبار بكل الاتهمامات , فاسق سافل خائن مبيوع رخيص منتمي مستعمل مخزوق محروق مندثر تحت غطاء أحدهم و بعض الاتهامات الأخرى , و لكن لم يذكروني بالضعيف او الركيك او المبتذل 🙂 .

تركت الموسيقى منذ وجدتني وحدي , للأسف لم تستطع الموسيقى أن تدافع عني , فلم استطع أن اصرخ سطرين في وجه المحقق , و لم يتأثر أي منهم بعمق حبي للوطن , و لا يعنيهم أبدا انسانيتي , فتركت السطور و الوطن , واخذت الانسان و هربت ! .

و هنا في القاهرة أردت أن أستعمل ما تعلمت و مارست طوال السنين الاحدى عشر في الموسيقى والمسرح في أي شيء آخر , و لكن انتبهت لتفاصيل أخرى كثيرة … ربما أتطرق لهذا لاحقا .

ما أردت القول بعد هذا السرد , أنا مشتاق جدا جدا جدا للموسيقى , ولكنني لم أتوقف فعلا عن الغناء فأحيانا أذهب للاستوديو لأصرخ في وجه المايكرفون , اغنية أكتبها منذ سنتين , ليس جميلة كما ينبغي لمحترف مثلي , و ليست قيمة , لكنها تعنيني كثيرا , و كتبتها لكي أستطع القول , أنني لن ألتفت لكم , فأنا أحاول أن أنتبه لي .

كلمات الأغنية :

استعد استعد استعد

ابتعد ابتعد ابتعد

فش وقت فش وقت فش وقت

في شوال طحين تاخدو ؟  فش وقت !

الي مترين على البحر و سايبو فش فقد

كتبت على كم حيط كلمة تقلقش

صدقوني يا اخواني الموضوع شخصي بحت

صفيت وحيد فش فريق و فش ثورة و فش اشي اشغل بالي فيه و فش دخل

اخر شيك نصبت عليا هيئة اصالة في منحة الوزارة و في نصب و فش عقل ومن الاصل

انا ممنوع اشتغل في الممنوع اشتعل و الامن مش مسهل

في حكاية الثورة استنتجت انا مكنتش بطل بل كنت سطل

 

استعد استعد استعد

ابتعد ابتعد ابتعد

فش وقت فش وقت فش وقت

 

و ها انا ابتعدت هل ارتحت ؟ ها انا اتفشخت

مأساوي قليل البخت وحداني مغتصب التخت

غزاوي خبر العالم أني من الناس اللي تحت

بتمثالي مش موقف نحت , ناوي على الموت في البحث عن حالي

من اكون ؟ ماذا اريد ؟ و كيف اجمع مالي ؟

اين اعيش ؟ فرجعت مصر ( يا باي ما أغباني ! )

عرفت الفكرة اني مكنش بكامل استقلالي

اسقط كل التصنيفات اطلق عليا الانساني

 

استعد استعد استعد

ابتعد ابتعد ابتعد

فش وقت فش وقت فش وقت

 

و من وقتها حل الصمت انشغلت , اشتغلت وتهت

انشغلت عنكم او حاولت , وقت الراحة و ما ارتحت

مكنش في بالي اني محتاج للجري اكثر عشان اوقف اللهت

سنتين من الوقت

هنا بحارب الحياة , في غزة بحارب موت

غزة عفريت المنام اكبر كوابيسي اني رجعت

انا فقت , ع الاقل انا في مصر ,  قد نجوت !

شفت البعد ؟ في هذا النص بهذا النصر قد غفوت

هارب من الفشل ؟ اه , في حال رجعت اني فشلت

و لو مرجعتش ايش عرفهم  يمكن عايش في يخت

بديش اقول اني عانيت و ما غنيت بس كتبت

و عشان بلاش اموت بحسرة رجعت نطقت

 

استعد استعد استعد

ابتعد ابتعد ابتعد

فش وقت فش وقت فش وقت

 

هلا ايش مفروض اقول ؟ايش مفروض ما اقولش ؟

وين مفروض اعيش ؟ ايش مفروض ما اطولش ؟

مين مفروض اصون ؟ على مين مفروض ما اثورش ؟

القانون محروم       المحروم ملومش

المجنون مجنون مجنون مجنونش

انشل المشلول  , مشلول بقول مشوني

صفوني ع الدور سفوني كف ما تدورش

تفتيش مفيش , بقشيش فتشوني

هلا ايش مفروض اقول ايش مفروض ما اقولش

وين مفروض اعيش ايش مفروض ما اطولش

مين مفروض اصون على مين مفروض ما اثورش

القانون محروم       المحروم ملومش

………………………………………………………………………………………………………..

أنا أعزائي لم أعد بطلا , أنا بطلت البطولة , قررت التنحي , ويوم أعود لهذا , سأعود لأكلمكم عن نفسي , أريدكم أن تكونوا جمهوري لأنني لن أستطيع أن أبتدئ و أستمر دون أن يكون لي قاعدة من الجمهور , قد لا يعجبكم هذا و لكن هذا ما استطع فعله حتى الآن .

و الله الموفق و المستعان .